متحدث الحرية والتغيير : السودان على حافة التفكك
تتدحرج كرة النار في السودان يوما بعد يوم، تحرق في طريقها أي مظاهر للحياة، فيما تتواصل صرخات مدنية لوقف القتال ومنع سيناريو التفكك.
فقد حذَّر المتحدث الرسمي باسم قوى “الحرية والتغيير” (الائتلاف الحاكم السابق) بالسودان، جعفر حسن، من تمزق البلاد حال استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إلى شهور أخرى.
وقال حسن إنه “إذا استمرت الحرب لعدة شهور أخرى يمكن أن يفتت السودان، والبلاد الآن على حافة التفكك.”
وأضاف: “سمعنا خطابات من الكيزان (الإخوان) تشير إلى تشكيل حكومة في بورتسودان، ورد عليهم محمد حمدان دقلو (قائد قوات الدعم السريع) بتشكيل حكومة أخرى في الخرطوم، وهذا يعني بداية الانشطار، وهذا لن يكون آخر انشطار، إذ يستتبعه انشطارات أخرى، لذلك استمرار الحرب يعني تفكك السودان”.
وأوضح المتحدث السوداني، “انتشر مؤخرا خطاب وسط القواعد الاجتماعية مفاده أن وجود قطعة صغيرة داخل الوطن آمنة ومستقرة، أفضل بالنسبة إليهم من وجود دولة متحاربة وغير آمنة، وهذا الخطاب خطر ويجب محاربته.”
وأشار إلى أن “الكيزان لديهم خطة منذ أيام الفترة الانتقالية لتأسيس دولة البحر والنهر بإشراف قيادات كبيرة، وهذه مسألة خطرة وعلى الناس الحديث لإفشال الخطة”.
إحكام صوت العقل
حسن قال أيضا، إن قوى “الحرية والتغيير”، منذ البداية أصدرت بيانا رفضت بموجبه الحرب، ودعت الناس إلى تحكيم صوت العقل والجلوس إلى طاولة التفاوض.
ونبه إلى أن الأطراف المتصارعة في الجيش والدعم السريع، كانت تمني نفسها بالانتصار السريع في الحرب وتناست تماما التاريخ الطويل في الحروب، ولكننا في قوى الحرية والتغيير، أخبرناهم بأن المسائل لا تسير بتلك الطريقة.
وأردف قائلا: “لكن كل طرف كان يقول بأن الحسم في المعركة لن يستغرق سوى 6 ساعات أو يومين، لكن الواقع الحالي يقول أنه لا يمكن حسم هذه الحرب بالقوة العسكرية”.
رؤية المجتمع الدولي
وأشار حسن إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي يرى أن هذه الحرب خطر كبير، بالإضافة إلى الكوارث الإنسانية الكبيرة المرتبطة بها، وهناك ضغط كبير في منصة الأمم المتحدة، وأي شخص كان يتحدث عن ضرورة الحل التفاوضي ولم نسمع دولة واحدة في الإقليم أو المجتمع الدولي أو رؤساء منظمات يتحدثون عن الحل العسكري أو الحل الحاسم.
وتابع: “المواطن العادي اقتنع بأن الحرب لن تنتهي بالحسم العسكري، وهذه كلها دوافع رئيسية تؤكد ضرورة ذهاب المتقاتلين إلى الحل السلمي، وهناك شيء مهم وهو تلويح المجتمع الدولي بالعقوبات والسيف سيسلط على المتقاتلين إذا لم يذهبوا في تجاه الحل السلمي”.
وقف إطلاق نار طويل
المتحدث باسم الحرية والتغيير، أوضح أيضا أنه “منذ وقت طويل كان الحديث ينصب حول وقف إطلاق النار الطويل لتمرير المساعدات الإنسانية، لكن وقف إطلاق النار الطويل، إذا لم تصحبه عملية سياسية تحدد مستقبل البلاد، وتؤسس لسودان ما بعد الحرب وبناء الجيش المهني الواحد وتعمل على التأسيس الدستوري، سيكون وقف إطلاق النار عبارة عن مساحة لكل طرف للاستعداد وإعادة التموضع لحرب أطول”.
وتابع: “لذلك نحن نتحدث مع كل الجهات بأن وقف إطلاق النار بدون إطلاق عملية سياسية خطر كبير ويزيد اشتعال الحرب بشكل أكبر، لذلك لا بد من عملية سياسية شاملة”.
تأسيس الجبهة المدنية
إلى ذلك، أكد حسن أن العملية السياسية لإنهاء الحرب “لابد أن تقوم عبر وجود القوى المدنية والمجتمع المدني العريض من قوى سياسية ومنظمات، لذلك لا بد من قيام الجبهة المدنية الواسعة ونحن نعمل حاليا على بناء هذه الجبهة المدنية لتقوم بالواجب”.
ومضى موضحا: “اتضح جليا أن انخراط القوة العسكرية في العمل السياسي، كانت خسارته فادحة، لأن العساكر عندما يختلفون يحتكمون إلى البنادق وليس الألسن”.
الآثار الجانبية للحرب
وإلى جانب العملية السياسية، نوه حسن، إلى أنه “حال استمرار الحرب، ستكون الخسائر كبيرة، خاصة وأن الجنيه السوداني فقد قيمته إلى النصف، كما أن انعدام الموارد ظهر بشكل واضح، وهناك مشاكل في الزراعة حتى في الولايات المستقرة، والتعليم متوقف والصحة والبنية التحتية تدمرت ولا وجود لأي سلطة في البلاد”.
ونوه إلى أن “القوة العسكرية تهدم حاليا في المؤسسات المدنية، والولايات التي لم تصلها الحرب وصلتها نتائجها بالنزوح والضغط على موارد الولاية. هذا غير الأمراض التي انتشرت خاصة حمى الضنك والكوليرا التي تحدثت عنها المنظمات الدولية”.
ومضى محذرا “إذا استمرت الحرب، فهذا الوضع سيكون مهددا لبقاء الدولة نفسها ويمكن أن تتفكك إلى عدد من الدويلات، فلذلك من الأفضل الذهاب تجاه الحل السلمي”.
وأعلنت وزارة الصحة السودانية، مساء الأربعاء، ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا من 265 إلى 274 حالة، بينها 19 حالة وفاة بولاية القضارف شرقي البلاد.
وأفادت الوزارة في بيان، بأن “محليات القضارف (10 محليات) أبلغت عن 274 حالة اشتباه بالكوليرا، متضمنة 19 وفاة في الفترة من 28 أغسطس/آب إلى 26 سبتمبر/ أيلول الجاري”.
وأضاف البيان، أن ولاية الخرطوم أبلغت عن 38 حالة مشتبهة لإسهال مائي خلال الأيام الثلاثة الماضية.
ويعاني القطاع الصحي في السودان، أزمات متلاحقة منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، جراء قتال مستمر بين الجيش و”الدعم السريع”، خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد على 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة