بخاري بشير: ما بين البرهان وحميدتي !

ضجت السوشيال ميديا اليومين الفائتين بمقولات عن تدهور (العلاقات) بين القائدين العسكريين البرهان وحميدتي ؛ صحيح أن جيش السودان النظامي هو المأمول أن يصبح وعاءً يجمع كافة (الجيوش) الموجودة اليوم؛ والتي افرزتها معادلات سياسية معروفة؛ أو ظروف استثنائية جعلتها بحكم الأمر الواقع.. لكن رغم ذلك تظل الدعم السريع واحدة من القوات المهمة الموجودة في السودان؛ ورغم ان انشاءها كان بواسطة الرئيس المخلوع عمر البشير؛ الا أن ذلك لا يقدح فيها؛ فهي (القوة) التي رجحت الكفة لصالح ثورة ديسمبر منذ أن اعترض قائدها في تصريحات مشهودة على التصدي للمتظاهرين بدايات الحراك الثوري؛ وقال قولته المشهورة إن التصدي للمتظاهرين ليس من مهام قواته.

 

نعود للعلاقة؛ وشكلها خلال الفترة الانتقالية؛ بعد الثورة شكل الجيش السوداني مع الدعم السريع ثنائية واحدة؛ وخاضا معاً مراحل التفاوض الأولية مع قوى الثورة؛ وكانا قبلها يشكلان المجلس العسكري الأول – أو ما عرف بلجنة البشير الأمنية.. ثم انتقلا معاً للمرحلة الثانية؛ فترة الشراكة مع قحت الأولى التي جاءت بحمدوك رئيساً للوزراء؛ وسرعان ما اتسعت بتوقيع اتفاق جوبا؛ وعودة الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاق؛ وطيلة هذه الفترة كان (الانسجام) بين الرجلين هو سيد الموقف. تحركت الكثير من الدوائر لتبث بين الناس أن العلاقة بينهما ليست على ما يرام؛ وهو ما ظلت تنفيه المؤسستان على الدوام؛ بتصريحات مشهورة للقائدين.. ولعل الشائعات الأخيرة نالت قدراً واسعاً من الاهتمام بين السودانيين؛ لعدة أسباب أهمها هي (المواقف المعلنة) لقائد الدعم السريع؛ وهي بالاساس( مواقف سياسية) فسرها البعض أنها موقف ضد توجه الجيش؛ وهي مواقف مبررة؛ مثلاً انتقاد حميدتي للأوضاع الاقتصادية (البائسة) التي أعقبت اجراءات 25 أكتوبر وقوله (فشلنا).. البعض فسرها أنها موقف جديد لحميدتي؛ ثم جاء الموقف الآخر للرجل حول (مبادرة الطيب الجد).. وعندها ذكر البعض أن لحميدتي علاقات (غير معلنة) مع مجموعة مركزي التغيير بقوى الثورة.

 

الى أن جاء يوم سفر الفريق أول البرهان للمشاركة في عزاء الملكة اليزابيث؛ وأظهرته الصور الرسمية بالمطار وفي وداعه الفريق أول كباشي؛ هنا نشطت الشائعات من جديد وقالت إن البرهان أوكل أمر الدولة والجيش للكباشي؛ وبالفعل القائد الكباشي هو من ينوب عن البرهان في شؤون الجيش باعتباره أحد قادته الأساسيين وأقدميته تمنحه هذا الحق.. وهنا سارع الناشطون لتصوير أن الامر به ما به من (خلافات).. وفي اليوم الذي يليه مباشرة (ضجت الاسافير) مجدداً بصورة البرهان وهو في طريقه لأمريكا وظهر في وداعه حميدتي.. وكأنما الأقدار أرادت أن ترد (الشائعات) على الناشطين والمغرضين أصحاب المرض (بيان بالعمل). للأسف بعض وسائل السوشيال ميديا وبعض نشطائها لا يستوثقون من المعلومات؛ ويسارعون الى نشرها في الفضاء الاسفيري؛ فتحدث جلبة وضوضاء.. ولكن لا يصح الا الصحيح؛ فالرجلان يرتبط مصيرهما معاً؛ وليس من مصلحة احد أن يكون بينهما خلاف؛ او ان تصل العلاقة بينهما للقطيعة.. لكن هذا ما يريده بعض الخبثاء الذين يسعون لاشعال النيران.

 

هل سأل احدهم نفسه؛ ماذا سيصير حال البلاد اذا لا قدر الله اندلعت شرارة المواجهة بين الرجلين؟ قطعاً ان ذلك سيقود لانحدار (عنيف) وستكون خسارته فادحة لكل الأطراف؛ وربما هدد وجود البلاد برمتها وهي في حالة تماسك وتوحد؛ وهذا عين ما يريده الأعداء لذلك (ينفخون) في هذه الشرارة؛ لعلها تتقد.. ولكني أظن ان حكمة الرجلين وثقتنا المطلقة في المؤسستين أكبر من ذلك.. لقد نجح الرجلان في ايصال رسالة مهمة للمغرضين مفادها “مهما فعلتم فلن تجرونا الى الفتنة”.. ونقول لاولئك المغرضين ان الفتنة نائمة ولعن الله من ايقظها.

 

رسالتنا الى الجميع أن لا بد من اغلاق أبواب الفتنة؛ وأول هذه الأبواب اكمال بند الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاق جوبا؛ فقد نص الاتفاق على دمج كل الجيوش في جيش نظامي واحد ؛ هو الجيش السوداني الحائز على أعلى تصنيف دولي بين الجيوش الأفريقية.. نريد لهذا الجيش ان يكون صمام أمان للسودان؛ في ظل عالم مضطرب لا يريد لنا استقراراً؛ وهذا واضح وجلي في الحركة الدولية الكثيفة لعملاء المخابرات والموفدين بسبب وبلا سبب.

Comments (0)
Add Comment