الغاز…. من يصنع الأزمة وأين الحكومة؟

تحقيق: أم النصر شرحبيل

أزمة الغاز التي لا تبارح مكانها حيث تضرب العاصمة والولايات أزمة حادة جداً تجعل المواطنين يقضون كامل يومهم في صفوفه، حتى النساء اللواتي يتركن اطفالهن والتزاماتهن المنزلية ويأتين وقت السحر للحصول على (الجميلة ومستحيلة) ولكنهن يرجعن بخفي حنين. ولمعرفة لماذا لا يتحصل معظم المواطنين عليه واين يتوفر الغاز واين يختفي ولمن توجه أصابع الاتهام من قبل المواطنين الذين يطالبون بتغيير من يتسبب في ندرته وتوفيره في السوق السوداء توقفت “الانتباهة” عند هذه القضية وخرجت بالحصيلة التالية:

شكوى واستنجاد

شكا عدد من المواطنين من انعدام الغاز بصورة مستمرة وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في نهار رمضان ووقت السحر علهم يظفرون باسطوانة غاز .

يقول المواطن محمد علي أبو المجد من سكان الجريف شرق ان منطقة الجريف فيها قرابة التسعين ألف أسرة ولا يمكن أن تأتي عربة الغاز تحمل اعداداً كبيرة من الاسطوانات لكي تقوم بانزال ثلاثين اسطوانة فقط ثم تنتهي، وشكا محمد علي من عدم تمليك الحقيقة للمواطنين من الوكلاء الذين ينفون وجود الغاز وعند ذهابهم إلى منازلهم يكتشفون حقيقة وصول كميات منه، الشيء الذي أثار حفيظة الكثير من المواطنين ويضعون سؤالاً عريضاً أين تذهب كمية الغاز؟

مذلة للشعب

ويطالب المواطنون بأن تكون هناك متابعة لصيقة جداً حتى يتمكن المواطن من الحصول على حقوقه هكذا تابع محمد حديثه وأضاف:نأتي لمركز توزيع الغاز عند صلاة الصبح وننتظره إلى الساعة العاشرة مساءً لمدة خمسة أيام على التوالي وأنا بهذه الحال، هذا غير النساء اللاتي يجلسن إلى المساء في سبيل الحصول عليه، ويرى أن هذه مذلة للشعب السوداني الذي ينتظر ويذهب بخفي حنين مع غلاء سعر الفحم الذي لا يمكن للمواطن مجاراته (الدول تطورت ومشت لقدام ونحن الغاز في تلتلة، المستشفى في تلتلة والصحة في تلتلة) لذلك يجب أن تكون هناك متابعة من قبل السلطات لمعرفة أين يذهب الغاز. (يا جماعة نحنا ما بنقدر لا نلقى غاز ولا نلقى كهرباء نشكي لمنو ونبكي لمنو؟؟؟).

ويضيف كمال الجعلي من منطقة المغاربة في شرق النيل انه ينتظر الغاز لليوم الرابع، وتابع بانه وافراد اسرته يقومون بنظام المناوبة لحراسة وانتظار الغاز ثم يأتي أولادهم لمناوبتهم ونرجع بعد الساعة الخامسة لنتفاجأ بقولهم جاء بعد ذهابكم (ونحن ناس صايمين بعد ده كلو بقولوا لينا الغاز مافي ).

وتابع المواطن محمد عمر الأمين نحنا نفوض أمرنا لله والناس أصبحت (تعبانة تعب الموت) والنساء اصبحن يأتين للغاز وقت السحور وهن ضعيفات لا يتحملن مشقة الانتظار و على المسؤولين ان يتحملوا ذنب هؤلاء.

ويضيف: المطالبة بالرقابة يمكن عدا الغاز والصحة. أما إيناس محمد تقول لنا فترة كبيرة بدون غاز وكل محل يتم وصفه لنا نحن نوصله فاسطوانات الابرسى غير متوفرة منذ شهر يناير. وتصل انبوبة الغاز في السوق السوداء الى ثمانية الاف. إلا أن قاطعها الحضور وصلت خمسة عشر الفاً!!

عدم وجود رقابة

وطالب المواطنون بالرقابة نسبة لعدم معرفتهم بالوقت الذي يأتي في الغاز وعند مصادفة وصوله توزع مابين 30 إلى 40 أنبوبة فقط وهم يتساءلون اين تذهب بقية الشحنة. وشكا محمد آدم محمد دار السلام المغاربة من عدم وجود رقابة والغموض الذي يكتنف مناديب الغاز وعدم صراحتهم مع المواطنين.

خافوا الله

وتابع آدم عند التوزيع يعطى شخص واحد خمس وأربع اسطوانات وانت ترجع خالي الوفاض لذلك يطالب بتغيير مناديب الغاز لعدم العدالة في التوزيع والاتيان بمناديب يتصفون بالمصداقية ويوجه لهم رسالة( خافوا الله يا مناديب) تشاركه المأساة أمل محيي الدين والتي كانت منزوية تحت ظل قطعة حديد تلهبها نيران الهجير في منتصف الظهيرة حيث قالت أنا هنا من الصباح وتركت أطفالي وهم صغار ورغم ذلك ارجع بدون غاز وهذا حالي قبل مجيء رمضان وإلى الآن ويجب ان يوفر لنا الغاز، صبرنا على الماء والكهرباء ولكن الغاز اصبح مشكلتنا الحقيقية ووجدته في السوق السوداء بـ7000 ولكنه مرتفع بصورة مستمرة تشاركها الراي اجلال عصام الدين التي تأتي يومياً عند الصباح الباكر وتغادر عند الساعة العاشرة مساءً، ويضيف حيدر عثمان سر الختم بانهم عند وصول الغاز توزع نسبة قليلة جداً حيث لا يوجد رقابة على الوكلاء والتوزيع والغاز شيء أساس في معاش الناس ويطالب بعمل جدولة لكل أنواع الاسطوانات ويقول ان اسطوانة اجب وصلت الى 15 ألفا في السوق السوداء.

أزمة مفتعلة

ويرى مراقبون ومختصون وكذلك مواطنون أن أزمة الغاز ما هي إلا أزمة مفتعلة تهدف إلى رفع الأسعار وخلق نوع من التذمر والاستياء وسط المواطنين يقف خلفها من لهم أهداف متنوعة ومختلفة ومصالح مشتركة بين من يفتعلونها.

السوق السوداء

الملاحظ  أن انعدام الغاز في مركز التوزيع بينما يوجد نشاط كبير وازدحام في السوق السوداء والتي لا يستطيع المواطن البسيط مجاراتها حيث تباع في منطقة شرق النيل اسطوانة الغاز في السوق السوداء من 8 آلاف إلى 15 وتتابع ام محمد عدم وجود الرقابة أدى الى تفشي السوق السوداء حيث أصبحت الأسعار في السوق السوداء مرتفعة لا يمكن أن يتحملها المواطن البسيط كما لا يمكن ان يشتري الفحم الذي أصبح مكلفاً حيث وصل “عبار” الفحم إلى 500 جنيه وينفد بسرعة قبل اكمال الطبخ، تبدأ المواطنة اسيا محجوب يوسف حديثها بحسرة وخيبة أمل وتقول لي أربعة اشهر ولم اتحصل على اسطوانة غاز وتناشد الحكومة بأن تراعي ظروف المواطنين وقالت (أصبحت دولتنا في العالم ليس لديها معنى ونحن اخوان فهناك ناس كبار السن لا يستطيعون الانتظار الطويل ) وتوجه رسالتها للمتعاملين في السوق السوداء بان يجب ان يراعوا حال بعضهم والناس لا يستطيعون الشراء من السوق السوداء لظروفهم المادية وتقول لهم نحن أهل يجب مراعاة بعضنا البعض.

تلاعب بالأوزان

وامتعض المواطنون من نقص تعبئة الغاز حيث ذكروا أن هناك تلاعباً في الاوزان وأضاف محمد المنير ان اسطوانته الفترة السابقة لم تمكث معه سوى خمسة أيام فقط قاطعه يحيى موسى أيضاً استمرت معي اثنا عشر يوماً واصفين العملية بالخداع والكذب واخذ الأموال من غير وجه حق، هذا يرجعنا لتحقيق نشر بصحيفة الحراك بتاريخ 8 فبراير بأن بعض العمال يعبئون من أنبوب كبير لأنبوب صغير وأحياناً نفس الكمية تقسم على انبوبين وان هذه التعيئة دائماً ما تتم في المستودعات البعيدة وأحياناً يقوم به الوكلاء او موزعو الشركات وضبط هذا الأمر يتطلب ميزاناً حساساً أمام كل مجتمع توزيع لمعرفة وزن الانبوب  فارغاً ام ممتلئاً.

أسعار المراكز والسوق السوداء

وتختلف السوق السوداء في أسعارها بحسب اختلاف الحاجة للغاز ومقدار توفره أو ندرته وكذلك وجود تباين طفيف في سعره بمراكز الولايات إذ نجد أن سعر اسطوانة الغاز بالمراكز الرسمية بولاية الخرطوم تتراوح ما بين 2200 إلى 2500 جنيه بينما تتراوح أسعاره في السوق السوداء ما بين 8000،  10 الاف  إلى 15 الفاً . بينما أسعاره في ولاية الجزيرة عبوة 12 كيلو تبلغ 2200 وفي السوق السوداء تتراوح ما بين 6.000 إلى 9.000. ويبلغ سعر الاسطوانة 12.5 كجم بالمستودعات بولاية شمال دارفور 3300 وسعرها بالأسواق والأحياء 4.000 بينما سعرها في السوق السوداء من 5.000 إلى 6.000. مع انعدامه بمدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق، وخشم القربة بولاية كسلا الذين يتحصلون عليه في كثير من الاحيان من ولاية الخرطوم بشكل فردي.

وسائل بديلة

وفي ظل الضغط على الطاقة البديلة والعودة إلى الفحم لحل هذه الأزمة يقع الضرر على الغابات والتعرض للتصحر يقول مدير إدارة الغابات بولاية سنار علي الشيخ إن أزمة الغاز لديها تأثير كبير جداً على الغابات نسبة للتغيرات المناخية وارتفاع حرارة الأرض بسبب قطع الأشجار، ويرى الشيخ ضرورة ايجاد بدائل للطاقة للمحافظة على الغابات، في ذات الأثناء حذر مختصون بيئيون من أن إزالة الغابات تؤدي إلى نقص في المياه والهواء على المدى الطويل.

ابتكار طاقات بديلة

ويقول محمد بابكر بانهم ابتكروا  البيوغاز(انتاج غاز الميثان)  أو الطاقات البديلة وهو من مخلفات الحيوان والمطبخ حتى يكون بديلاً لغاز الطبخ والفحم وكانت تجربة ممتازة واثبتت نجاحها، كذلك من البدائل استخدامات الطاقة الشمسية أو الطاقات البديلة للغاز وللكهرباء وكذلك بديل للحطب لان قطع الاشجار يساعد على تدهور البيئة وضررها بالغ جداً في توازن البيئة وحتى نكافح قطع الاشجار لا بد ان نستخدم بدائل الطاقة.

يقول مدير مصفاة الجيلي محمد توم لـ(الانتباهة) إن الغاز بالمصفاة متوفر وأن الكمية التي تخرج يومياً لولاية الخرطوم أكثر من (900) طن، والطن الواحد يعمل (80) اسطوانة أي ما يقدر بأكثر من (72) الف اسطوانة لولاية الخرطوم وحدها. وعند سؤالنا اين تذهب تلك الكمية من الغاز عزا ذلك لعدم وجود الرقابة وأضاف أن هناك تلاعباً من قبل الوكلاء حيث يقومون بتخزينه وبيعه في السوق السوداء وأردف قائلاً إن هذه ليست مشكلة الوزارة وإنما مشكلة الولاية والأمن الاقتصادي كجهات رقابية، والوزارة عليها القيام بتوفيره من خلال الشركات وكل شركة لديها وكيل وهي مسؤولية مشتركة بين الجهات الرقابية والأمن الاقتصاي والولاية ووزارة البترول بولاية الخرطوم هم من يقومون بتوزيعه للوكلاء.

في السؤال الذي ظل عالقاً في اذهان المواطنين خاصة ربات البيت نقص العبوة يقول التوم في ذلك إن الاسطوانة الصغير تأخذ 12 كيلو ونصف وارجع احتمالية تلاعب الوكلاء بملئها بتنقيص العبوات لكن نحن نلزم الشركات بتعبئة 12 كيلو ونصف لكل اسطوانة.

من المحررة:

لكل ما تقدم يرجّح أن تكون الازمة في الوكلاء، كما يجب تفعيل دور الرقابة والتنسيق المحكم بين الجهات ذات الصلة ولا بد من معرفة اين تحول الاعداد الكبيرة من الاسطوانات التي لا توزع للمواطنين ومراجعة شروط وكلاء التوزيع. اين يذهب الغاز مع توفره لدى المصفاة وضياعه بمجرد الخروج للشركات والوكلاء على الجهات المسؤولة مراجعة عمليتها الرقابية المنعدمة.

Comments (0)
Add Comment