تطور جديد في الأزمة السودانية

متابعات : هسه نيوز

دخلت الأزمة في السودان منعطفا جديدا، إذ دعا تحالف مؤلف من 23 حزبا ونقابة مهنية، الخميس، إلى تشكيل “مجلس ثوري” يهدف إلى توحيد “قوى الثورة”، فيما تستمر الاحتجاجات المناهضة لحكم العسكر.

وتأتي الدعوة لتأسيس تحالف تحت عنوان “لجنة توحيد قوى الثورة” بعد أيام على إعلان قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، إعفاء الأعضاء المدنيين من عضوية مجلس السيادة الحاكم الذي يرأسه.

وقرر البرهان، أيضا، “عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في مفاوضات الحوار الوطني الجارية حاليا لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية…  وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال متطلبات الفترة الانتقالية”، وهو ما تراه بعض القوى على أنه “مناورة” سياسية لن تحل الجمود السياسي في البلاد.

جمع شتات القوى السياسية

مسيرات احتجاجية في السودان ضد الحكم العسكري ومطالب بنقل السلطة للمدنيين
مسيرات احتجاجية في السودان ضد الحكم العسكري ومطالب بنقل السلطة للمدنيين

وقالت منال صيام عضوة لجنة التحالف خلال مؤتمر صحفي، الخميس، إن “المجلس يهدف لخلق آلية توحد قوى الثورة ويكون بمثابة مركز قيادة العمل الثوري الموحد”.

القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير، مأمون فاروق، يرى أن هذا التحالف قد يشكل “حجر زاوية في حل أزمة البلاد السياسية، بجمع شتات قوى الثورة في قوة واحدة، والاتفاق على رؤية محددة”.

وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن قوى الحرية والتغيير “أمام تحد حقيقي في التوفيق بين آراء القوى السياسية المختلفة والتي قد يكون بعضها لها حسابات وأجندات أخرى، ناهيك عن ارتباط بعضهم بالمكون العسكري”.

وخلال الفترة الماضية، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية “إيغاد” عبر ما يعرف باسم “الآلية الثلاثية”، ضغوطا لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين، إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار.

ويؤكد الباحث السياسي السوداني، الرشيد إبراهيم، في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” أن التحالف الجديد بين قوى الثورة “هو تحالف تكتيكي وليس استراتيجيا، ولا يمكن التعويل عليه خاصة في ظل استمرار وجود أزمة ثقة بين القوى السياسية المختلفة”.

وتشمل قرارات البرهان “حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولا عن مهام الأمن والدفاع”، بعد تشكيل الحكومة المدنية.

مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر السوداني، فؤاد عثمان، قال لموقع “الحرة” إن “كل ما من شأنه توحيد قوى الثورة المناهضة للانقلاب، هو عمل مطلوب من كل تلك القوى بهدف إسقاط الانقلاب من خلال مركز موحد للقيادة”.

الباحثة المحللة السياسية، مها طمبل، لفتت في حديث لموقع “الحرة” إلى أن “نجاح التحالف الجديد يرتبط بمدى تعلمهم من الأخطاء السابقة، وبوضع رؤية موحدة ومشتركة من دون إقصاء أي طرف” مع أهمية “الفصل بين الأدوار المطلوبة من القوى، أكان على الصعيد السياسي أو النقابي”.

الكرة في ملعب القوى السياسية

المؤسسة العسكرية في السودان لن تشارك في الحوار الوطني. أرشيفية
المؤسسة العسكرية في السودان لن تشارك في الحوار الوطني. أرشيفية

ورفض المعتصمون وقوى المعارضة قرارات البرهان، ووصفوها بأنها “مناورة مكشوفة”.

ويؤكد فاروق أن إعلان البرهان “بعدم المشاركة في الحوار الوطني لتشكيل حكومة من الكفاءات” ما هي “إلا كلمة حق أريد بها باطل، إذ سيبقى البرهان يؤثر في قوى سياسية مدنية داعمة له”.

وحذر من “تنفيذ بعض الطروحات التي تنادي بإجراء انتخابات مبكرة”، لن تحل أزمة البلاد من دون “تراجع حقيقي من قبل المكون العسكري عن المشاركة في المشهد السياسي في السودان”.

ويرى الباحث إبراهيم أن القرارات التي اتخذها البرهان خلال الأيام الأخيرة “وضعت الكرة في ملعب القوى السياسية المختلفة، إذ سينسحب العسكر من المشهد العام، ما يعني أن التخلص من الجمود السياسي في البلاد بيد القوى السياسية المدنية”.

ويرجح أن البرهان اتخذ القرارات الأخيرة “بعد مشاورات دولية دعمت هذا الاتجاه”، متخوفا من “أن السودان أمام معضلة جديدة ستتركز بعدم توصل القوى السياسية المدنية إلى حل بتشكيل حكومة مدنية، واستكمال المرحلة الانتقالية”.

ويلفت إبراهيم أن “السودان أقرب ما يكون إلى تكرار النموذج المصري، إذ سيضطر المكون العسكري للعودة لإدارة المشهد السياسي، بعد فشل القوى السياسية المدنية في الاتفاق على رؤية واضحة للمرحلة الانتقالية، إذ سيمضي البرهان في ترتيب إجراء الانتخابات بمن حضر”.

ويوضح عثمان بدوره “أن قرار البرهان مناورة وتراجع تكتيكي مكشوف، إذ أنه يعلم أن البلاد دخلت في أزمة حقيقية بعد انقلاب أكتوبر، وتدخل المؤسسة العسكرية في الصراع السياسي وقمع المتظاهرين”.

ورفض تكرار البرهان “بأنه وصي علي الشعب وثورته”، مشيرا إلى أن “تشكيل  الحكومة وهيكلها ومهامها هو شأن خالص لقوى الثورة المدنية وعلي العسكر النأي بأنفسهم من شؤون الحكم والتفرغ لمهامهم الدفاعية”.

وتتخوف الباحثة طمبل المقيمة في الولايات المتحدة، من “قرارات البرهان والتي قد تكون مناورة أو فخا إذ ما فشلت القوى المدنية والشارع في الاتفاق على رؤية محددة”.

وأضافت “أن البرهان قام بخطوة استباقية قبل زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن للشرق الأوسط، بإظهار تنحي الجيش عن المشهد السياسي، ولكن على أرض الواقع هذا الأمر لم يتم”.

ويتظاهر السودانيون كل أسبوع تقريبا ضد الحكم العسكري، لكن منذ 30 يونيو الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر، يواظبون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسطها.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان في أكتوبر العام الماضي، قتل 114 متظاهرا، بينهم تسعة أشخاص في 30 يونيو، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.

المصدر : الحرة

اترك تعليقا