في ظل تحديات متزايدة الحوار السوداني… (قطار) ينطلق دون صعود الجميع!!

تقرير: حافظ كبير

تنطلق في العاشرة من صباح اليوم الأربعاء أولى جلسات الحوار السوداني المباشر، والذي ترعاه وتيسره الآلية الثلاثية المشتركة، المكونة من بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (يونتامس) والاتحاد الافريقي والايقاد، بفندق السلام روتانا، بغياب قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي والحزب الشيوعي ولجان المقاومة، ومشاركة قوى الحرية والتغيير- ميثاق التوافق الوطني والجبهة الثورية وقوى الحراك الوطني وحزب المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، والمكون العسكري.

وكانت الآلية الثلاثية قد أعلنت في 27 أبريل الماضي عن انطلاق الحوار السوداني – السوداني في الفترة ما بين العاشر وحتى الثاني عشر من مايو، عبر لقاء تحضيري مباشر يجمع الأطراف السياسية المختلفة، لكنه فشل حينها بسبب إعلان قوى الحرية والتغيير مقاطعتها للجلسة في ظل الطوارئ والعنف الذي تواجهه التظاهرات السلمية إلى جانب اشتراطات أخرى دفع بها التحالف للدخول في العملية السياسية.

ووجهت الآلية دعوات لعدد من القوى السياسية والتحالفات، وبالرغم من وجود حزب الأمة القومي ضمن تحالف الحرية والتغيير، إلا أن الآلية وجهت له دعوة منفردة.
وأكد الأمين العام لحزب الأمة القومي، الواثق البرير، أن موقف حزب الأمة هو موقف الحرية والتغيير كجزء من التحالف، وأضاف البرير لـ”الإنتباهة” : “نحن ضد هذا الشكل من العملية السياسية، نحن شركاء وقوى سياسية أصيلة في هذا البلد لنا تاريخنا الوطني والنضالي، وبالتالي أي تصميم لعملية سياسية يجب أن نشاور فيه ويجب أن يؤخذ رأينا في الحسبان، ولن نقبل أن نحضر لاجتماع بدون علم أجندته وأطرافه، وبدون علم مخرجاته”.

ويرى البرير بأن حزب الأمة لن يكون طرفاً في أي عملية سياسية يتم إغراقها لتنتج قوى تعبر عن رغبات المكون العسكري.وجدد البرير تمسكهم بتهيئة المناخ، وتابع: “يجب تهيئة المناخ تهيئة حقيقية ومراجعة القرارات الارتدادية ووقف العنف ضد أبنائنا وشبابنا في الشارع، ويجب العمل سوياً في عملية سياسية تنتج حلا للأزمة السياسية، التي نتج عنها تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وحزب الأمة هو قوة فاعلة ومؤثرة في البلد، يجب أن نكون جزءا مهما في العملية وليس جزءًا يساق سوقاً إلى هذا النوع من العمليات”.
الاشتراطات
ويؤكد حزب الأمة القومي على نقطتين أساسيتين فيما يتعلق بالعملية السياسية، ويشير إلى أنه أول من دعا إلى العملية السياسية في خريطة الطريقة، ويقول بأنه دعا إلى ابتدار عملية سياسية تؤدي إلى حل بين المكونات في السودان، وصولاً إلى تفكيك الأزمة الوطنية، ويؤكد البرير: ” نحن مع العملية السياسية وشموليتها بدون إقصاء لأي مكون سياسي”. ولكن في نفس الوقت يشترط لبدء عملية سياسية أن تتوفر البيئة المناسبة لها، وأولها تهيئة الأجواء من وقف العنف ووقف قتل الشباب في الشوارع ووقف الاعتقالات، وعدم محاصرة مساكن المواطنين، ويرى بأنه هذه من البديهيات، وتابع: “نحن ندرك طبيعة المأزق، وطبيعة هذه الأزمة هو الانقلاب العسكري الذي حدث في 25 أكتوبر، والانقلاب به جزء عسكري وآخر مدني. المدنيون الذين دعموا وساندوا الانقلاب هم جزء من الانقلاب، ويجب علينا تحديد بطريقة واضحة من هي الأطراف التي سوف تشارك في هذه العملية، يجب أن يجلس الانقلابيون ضد الذين انقلب عليهم، مدنيين وعسكريين، والآن الصراع ليس بين قوى مدنية، ولا بين قوى مدنية وعسكرية، بل بين معسكرين، المعسكر الذي يدعو للتحول المدني الديمقراطي، والمعسكر الذي يدعو للشمولية والوصاية العسكرية، وبالتالي أي تصميم لهذه العملية السياسية إذا لم يتم تفكيك وإنهاء الانقلاب، لن يحدث أي حل جذري لهذه الأزمة”.
مناورات
ليست الحرية والتغيير-المجلس المركزي وحدها قاطعت الجلسة، بل هناك كثير من القوى السياسية، الحزب الوطني الاتحادي بقيادة يوسف محمد زين، وحزب الشعبي قرر أن يدخل ويقول رأيه في الداخل، وكذلك البعث السوداني مقاطع على حد قول الواثق البرير، واستناداً الى ذلك يقول بأن هذه العملية لم يعد لها جيداً، مشيراً إلى أنهم أبلغوا الآلية الثلاثية بأن التحضير غير جيد، وتابع: ” أبلغناهم بذلك، وعليهم الرجوع إلى القوى السودانية لمعرفة الحلول، ونحن مع الحل، وجاهزين للجلوس مباشرة مع العسكر، لكن جلوس لعملية حقيقية بلا مناورات، ما زال المكون العسكري يناور بحلفائه المدنيين، ويناور لمحاولة التغطية الاعلامية بأن هنالك حوارا، هذا ليس حوارا، ومحاولة إغراق العملية السياسية بمن نسميهم (ستالايت) المكون العسكري، فكيف يجلس الانقلابيون مع الذين انقلبوا ضدهم لكي يحاوروا انقلابيين؟ هذا لا يعقل ولا يجوز ولا يمكن أن نصل لنتائج حقيقية، سوف يظل الشعب السوداني يطالب بحقوقه بالسلام والعدالة ما دام العسكر لا يزالون يناورون، وحزب الأمة بتاريخه الطويل وخبرته لن يذهب في مثل هذه الأجندة التي لن تجدي في إيجاد حلول للأزمة السياسية السودانية”.
خطوات تنظيم
خلال لقائها بمساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشئون الإفريقية، اللجنة العسكرية الثلاثية، برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول محمد حمدان دقلو وعضوية عضوي المجلس، الفريق أول ركن شمس الدين كباشي إبراهيم والفريق بحري إبراهيم جابر إبراهيم، أكدت دعمها الكامل لجهود الآلية الثلاثية الميسرة للحوار بين الأطراف السودانية والعمل على إنجاحه.
واجتمعت اللجنة العسكرية بالقصر الجمهوري بالسفيرة مولي في، والوفد المرافق لها، بحضور سفير المملكة العربية السعودية بالسودان، السفير علي بن حسن بن جعفر. وبحث اللقاء آخر الترتيبات لعملية الحوار السوداني المباشر، الذي تيسره الآلية الثلاثية.
وأوضح مدير إدارة أمريكا الشمالية بوزارة الخارجية السفير كمال بشير ، في تصريح صحفي، أن اللقاء أمن على دعم عمل الآلية الثلاثية الميسرة للحوار السوداني في تعزيز التقارب بين الأطراف السودانية لإنجاح الفترة الانتقالية،والتوصل إلى توافق يفضي الى تكوين حكومة مدنية. وأضاف السفير، أن اللقاء الذي وصفه بالمهم، تطرق لعدد من التفاصيل المتعلقة بانطلاق الحوار المباشر بين الأطراف الوطنية السودانية.
تفاؤل حذر
ويؤكد الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير ميثاق التوافق الوطني الدكتور محمد زكريا مشاركتهم في الجلسة التقنية، ويقول زكريا لـ”الإنتباهة” بأن انطلاقة الحوار في مرحلته المباشرة سيدفع بعملية التوافق السياسي إلى الأمام، وأضاف: “لدينا رؤية متكاملة حول الحوار، ملامحها العامة تتمثل في ضرورة اتفاق الأطراف على منهج واضح للحوار، وأن تشتمل عملية الحوار كافة الأطراف التي انتجت الثورة السودانية باستثناء المؤتمر الوطني، وأن يفضي هذا الحوار للتوافق على المرجعية الدستورية والأجهزة السيادية والتنفيذية والتشريعية والقضائية والعدلية، وكذلك على مهام الحكومة الانتقالية ومدتها، والانتخابات في خواتيم الفترة الانتقالية”.
وبالنسبة لغياب أطراف رئيسية من قوى الثورة، يرد زكريا بأن الاحتقان السياسي الماثل في البلد، يتطلب من الجميع تقديم تنازلات للوصول لنقاط مشتركة، وأضاف بأن هناك خطوات إجرائية وعملية هيأت المناخ المناسب لانطلاق الحوار، منها رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، وأن السانحة جيدة للجلوس كقوى سياسية ومدنية وشركاء الفترة الانتقالية للوصول لهذا التوافق.
ابتزاز سياسي
ويمضي الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير- التوافق الوطني بأن المواقف الاشتراطية التي أبدتها بعض الأطراف لا تتسق وتعقيد المشهد السوداني، ويعتبرها زكريا ابتزازا سياسيا لا يضع في الحسبان مصلحة البلاد، ويؤكد بأن الحوار يجب أن ينطلق بمشاركة عريضة وبدون اشتراطات، وتابع: “نجلس لطاولة الحوار لنتفق حول مزيد من إجراءات تهيئة المناخ، وسبل حل الأزمة الراهنة”.
ودعا محمد زكريا الجميع إلى النأي عن خطاب الاشتراطات، وزاد: “نمد أيادينا بيضاء دون خطاب عدائي ودون تمترس خلف مواقف متعنتة حتى نحقن الدماء ونؤسس لوفاق سياسي عريض”. وختم زكريا في جوابه عن سؤال مستقبل العملية السياسية: “تبقى الآمال معقودة أن ينجح السودانيون في تجاوز هذه المرحلة الحرجة، والوصول لصيغة تستكمل عبرها فترة الانتقال وأتوقع أن تكون عملية الحوار صعبة ومعقدة ولكن طالما هناك إرادة وترحيب محلي وإقليمي ودولي فإن المستقبل واعد بالوصول إلى وفاق سياسي”.

اترك تعليقا