ظهور الامام الغائب علي كرتي الرسائل والدلالات!

عبدالعزيز حسن علي

خرج أخيراً امام (الإسلاميين) (الغائب) من (السرداب)، وعجلت قناة طيبة الفضائية (فرجه)، فظهر علينا بلباس ابيض يسر الناظرين مبشراً بالقول ” ان الشعب السوداني يستحق منا معاملة أفضل مما كانت “، وان ” رسالتي للشعب السوداني ان الامل مازال موجود”، فما هي الدلالات والرسائل من خروج الامام الهارب.

يمكن القول اجمالاً ان خروج الامام الهارب في هذا التوقيت أهدافه الأساسية داخلية، وهي تأكيد زعامته على أطراف متنافسة لوراثة جثة الحركة الإسلامية، ومحاولة لتجميع شعث الإسلاميين المبعثر بين الخوف والاحباط، وإيقاف التحركات الجادة التي بدأت من شباب الإسلاميين في البحث عن قيادات لم تتلوث بالإنقاذ، بالإضافة الى اهداف ثانوية اخرى.

لا شك ان ديسمبر، ثورة اكانت ام انتفاضة، شتتت شمل قواعد الإسلاميين فكرياً وتنظيميا واصابتهم الصدمة وهم يشاهدون ان سفينة الإنقاذ التي لا تبالي بالرياح تغرق امامهم، وان قادتهم ” اصلب العناصر لأصلب المواقف” اما في السجون او هربوا الى تركيا وقطر والغرب ، فاقبل بعضهم على بعض يتلاومون.

وإذا من الممكن- في نظر العضوية- إيجاد عذر لمن هم في السجون، فما هي اعذار من (فحط) وتركهم في صدمة نفسية، وعدم معرفة بالذي يجري امام اعينهم، لذلك بدأ التململ وسط الإسلاميين خافتاً خاصة ان رسالة تنظيمية سرت بينهم “ان هذا التغيير بقيادة التنظيم”. وتذكرت القواعد وقتها حيلة مشابهة عندما ذهب الترابي الى السجن حبيساً وذهب التنظيم الى القصر رئيساً تحت شعار الحرب خدعة، مع مرور الأيام اتضح ان هذا التغيير لا يقف خلفة التنظيم، وان مشاركة بعضهم تم لمصالح شخصية وصراعات تنظيمية وقبلية ايضاً، تحت مظلة إقليمية معنية بتصفية واجتثاث الإسلاميين.

 

عندما بدأت لجنة إزالة التمكين في عملها بتصفية الخدمة المدنية من كوادر الاسلاميين، وارجاع ممتلكات الشعب، اتخذ تململ الإسلاميين شكلا أكثر حدة في التعبير العلني ضد قادتهم، وذلك بالمطالبة بمعرفة كيف سقطت حكومة(الإسلام) في السودان، والمطالبة بعودة الهاربين لمواجهة الواقع معهم.

لكن صدى دعوتهم لم يجد من القيادة الا التجاهل، لذلك بدأت الخطوات الجادة لتجاوز القيادة من خلال عدة خطوات اولها العمل لوحدة جناحي الحركة الإسلامية، الشعبي والوطني، وابعاد من كانوا السبب في مفاصلة الإسلاميين كشرط وضعه الشعبي للوطني للوحدة ويأتي على راس هؤلاء أصحاب مذكرة العشرة والامام علي كرتي منهم، ثم ايضاً ابعاد الأكثر فساداً في الطاقم الحاكم، بالطبع الامام كرتي ذو حظ عظيم منه ايضاً، وبعد الوحدة بين الشعبي والوطني يبدا التخطيط في تقديم قيادات اخرى لصفوف الحركة أكثر نظافة- ان وجدوا- واكثر مقبولية عند الشعب السوداني.

اجتهد الامام الهارب في تبرئة نفسه امام عضوية الاسلاميين بأنه لم يكن في المكتب القيادي وأجهزة الحركة الاسلامية وألقى باللوم على الاخريين، وانه كان من الناصحين وحذر من مآلات الأوضاع بعد ميزانية ٢٠١٨” وكنا نرى بشكل واضح ان الدولة في نهايتها ” وتوقع السقوط لكنه تفاجأ بتوقيت وسرعة السقوط فقط.

ايضاً عمل الامام الهارب على تذكير العضوية بان عدوهم التاريخي- الحزب الشيوعيـ من وراء لجنة إزالة التمكين وهو السبب- أي الحزب- فيما آلِت اليه أوضاعهم ” من تنمر واغتصاب حقوق الناس بالباطل ” رغم علم الامام انه لا يوجد شيوعي واحد في لجنة إزالة التمكين، بل ان العم صديق يوسف- عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي– رفض باستقالة مسببة عضوية لجنة استئنافات لجنة إزالة التمكين لأنه حسب قوله “يرفض ان يكون الخصم والحكم في نفس الوقت”، وتلك استقامة فكرية وأخلاقية لا تتوفر فمن اغتصبوا الرجال والنساء في عهدهم المظلم.

 

تحدث الامام الهارب عن تململ الإسلاميين ونصحهم بالصبر، والا ينشروا الغسيل القذر للحركة الاسلامية في الوسائط مع الوعد انه سيسعى الى تمليكهم المعلومات في الوقت المناسب، كما نصحهم ضمناً بالصبر على قيادته لان ” مستقبل الحركة الاسلامية في شبابها”.

وفي حماس الامام كرتي ضد قوى الحرية والتعيير خاصة لجنة إزالة التمكين، التي صادرت منه اكثر من 500 قطعة ارض، وصف افعالهم بأنها افظع من افعال الدفتردار، وهذه هي المرة الاولى التي يحصل فيها محمد بك الدفتردار على صك البراءة من جرائمه التي دونتها اجسام الرجال والنساء والاطفال وكتب التاريخ، ويبتسم في قبره مما يسمع.

كان لابد للأمام الهارب ان يثني بالحديث على الشيخ الترابي تملقاً لقواعد الشعبي، ويصفه بالقائد الفذ والاستثنائي، ولا ندري لماذا اذا كان كرتي من الساعيين في مذكرة العشرة التي أطاحت بالقائد الفذ والاستثنائي ووضعته في السجون.

 

واخيراً في رسائل الداخل التنظيمية للعضوية طمئن العضوية بانه يعمل على فتح الأبواب بالخارج لقبولهم وان مجهوده الشخصي سياتي اكله قريبا.

اما في رسالة الامام للشعب السوداني لم يجد الامام الغائب في ذكر محاسن الإنقاذ الا القول بتطبيق الشريعة، وحماية الاخلاق، والشيوخ وحرمة المساجد، ونسى الامام ان يحدثنا عن حرمة المال العام، والحريات، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، كما فات على الامام ان يذكرنا بالأمر القرآني بتوزيع الموارد بالعدل “كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم “.

اما رسالته للجيش فغني لهم لو انت نسيت انا ما نسيت، فذكرهم ان الإسلاميين كانوا وما زلوا الأقرب إليهم وذكرهم، والذكري تنفع المؤمنين منهم وهم كثر في الجيش السوداني، بان أعضاء الجمعية التأسيسية من الإسلاميين باعوا سيارتهم التي منحت لهم لخدمة الشعب من اجل دعم الجيش.

اترك تعليقا