زيادة الدولار الجمركي.. نيران الأسعار تلتهم المواطن
الخرطوم: هنادي النور
وصف بعض ذوي الشأن من الخبراء زيادة الدولار الجمركي خنق الاستيراد وأكدوا أن هذه الزيادة في أعقاب إنخفاض الإيرادات وإرتفاع المنصرفات ولم تجد وزارة المالية سبيلاً لمعالجة الإيرادات إلا هذا الخيار بزيادة الدولار الجمركي من (430) الى (445) . وأكد عدد من الخبراء بأن هذا الإجراء لن يحل الأزمة وإنما يزيد من الأعباء وصب الزيت على النار.
وفي الثالث والعشرين من يونيو من العام الماضي ألغت الحكومة سعر الصرف الجمركي المستخدم في حساب رسوم الاستيراد، في خطوة عملية تخفيض قيمة عملته المحلية.
وتمثل أيضاً الخطوة الرئيسية في برنامج إصلاح متسارع يراقبه صندوق النقد الدولي يعكف السودان على تنفيذه من أجل الحصول على تخفيف لعبء ديونه وجذب تمويل جديد.
آثار سالبة ..
قال الخبير المصرفي بروف إبراهيم أونور أن زيادة الدولار الجمركي ينعكس على كافة السلع المستوردة وجزم بالقول خلال الآونة الأخيرة أصبحنا دولة مستوردة وأيضاً التي كانت تنتج داخل السودان تقلصت نتيجة لزيادة مدخلات الإنتاج بما فيها الكهرباء ونسبة كبيرة من السلع التي تسهلك ما يقارب 90% والتي تستخدم في الصناعة وغيرها تأتي من الخارج وبالتالي أية زيادة في الدولار الجمركي الآن سوف تنعكس بصورة مباشرةً على زيادة أسعار المنتجات المحلية.
عبر الدولار الجمركي
وقال اونور يجب أن يكون الدولار الجمركي لبعض السلع خاصة الكمالية والإنتاج المحلي لكي تفتح المجال للسلع المصنعة محلياً لكي تستطيع المنافسة . واستهجن أونور زيادة الدولار الجمركي لكل السلع بما فيها مدخلات الإنتاج الصناعية وغيرها قاطعاً أن هذه الزيادة سوف تؤثر على مجمل الأوضاع وسيكون السوق في حالة زيادة مستمرة والأموال في حالة تآكل.
وشدد على الدولة على عدم أخذ خطوات تزيد من الرسوم والضرائب والدولار الجمركي والكهرباء لكي يحدث استقرار نسبي لمتبقي العام الحالي .
ضائقة معيشية ..
وإنتقد مستورد فضل حجب اسمه إنتقادات حادة للحكومة قائلاً لا توجد سياسات وكل مايجري تخبطات وتريد الحكومة خنق الاستيراد مضيفاً أن ٧٠ % دخل الموانئ توقف وجزم إن البلاد في ضائقة معيشية صعبة .
إرتباك بالسوق..
ومن جانبه أشار الخبير الاقتصادي د.وائل فهمي إلى الدولار الجمركي، الذي كان معتمداً في السودان ،هو سعر خاص للدولار الأمريكي مقابل العملة المحلية، وكان محدداً بأقل من سعر السوق حيث كان وقبل قرار الإلغاء، كان الدولار الجمركي يعادل (28)جنيها سودانياً، بينما كان سعر الدولار في السوق حوالي (420) جنيهاً. وبعد أن قررت الحكومة السودانية، في شهر يونيو ٢٠٢٢م إلغاء العمل بالدولار الجمركي، المستخدم في تقييم السلع بزيادة سعر الدولار الجمركي من (28) جنيهاً إلى نحو (420)جنيه، بنسبة زيادة بلغت ١٤٠٠%، مما في إرتفاع غير مسبوق في أسعار السلع التي ترتبط في توافرها بالسلع والخدمات المستوردة بما ترتب إرتباك شديد في أسواق السلع المستوردة وإحتجاجات حادة من قبل المغتربين.
والسلع الواردة إلى السودان تتجاوز (7) آلاف صنف، ان لم يكن أكثر من ذلك، حيث يعاني إقتصاد السودان من العديد من المشكلات المعقدة المؤثرة سلبياً على الإنتاج المحلي ونموه، حيث العديد من المصانع تعتمد على استيراد مواد خام وقطع غيار وآليات عملها من الخارج، و تتم إضافتها لمنتجات محلية قبل تصنيعها إلى جانب استيراد العديد من المستهلكات المباشرة كالأدوية والألبان المجففة والمعدات الكهربائية والمائية وبعض الفواكه.
وعرج وائل بالحديث قائلاً كانت الحكومة في ذلك الزمان تسابق الزمن للإيفاء بشروط صندوق النقد الدولي المرتبطة بضرورة إتخاذ إجراءات أعتبرت لازمة لإصلاح الإقتصاد السوداني وأيضاً لأن الحكومة وجدت نفسها ملزمة بتنفيذ إتفاق البرنامج المراقب وما يتطلبه من إتخاذ مثل تلك الإجراءات القاسية بغرض الاسراع في الوصول إلى نقطة القرار، وفق شروط مبادرة (الهيبك) لإعفاء الديون الخارجية صندوق النقد الدولي على موقعة في ٢٩ يونيو من نفس الشهر بإجازة تلك الإجراءات وما حققته من نتائج مرضية من وجهة نظره.
واستدرك بالقول بررت وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي ذلك القرار بإلغاء الدولار الجمركي بإعتبار أن له إيجابيات تتمثل في تحقيق الحماية للصناعة المحلية، حيث وعدت بإعفاء المواد الخام ومدخلات الإنتاج وإعفاء السلع الضرورية والأساسية لها. ليضيف بعض مسئولي الجمارك إلى أن رفع الدولار الجمركي كان من المفترض أن يخفض أسعار السلع بالأسواق ليقول الواقع كلمته بمضاعفة تلك الأسعار في مواجهته.
ونبه إلى أنه بعد مرور عام تقريباً من ذلك القرار، أشارت التقارير الصحفية خلال الأسبوع قبل الفائت إلى أن ٨٠% من المصانع متوقفة الآن إلى جانب توقف بعض أنشطة إنتاج السلع الخدمات غير القابلة للتجارة الدولية إلى جانب عرض ٩٠% من المستثمرين الأجانب لمصانعهم للبيع بسبب إرتفاع التكاليف بالجنيه السوداني وتردي الخدمات العامة إلى جانب عوامل أخرى، مما يشير إلى مدى شلل الإقتصاد السوداني وتفسير ذلك معدلات نموه السلبية خلال الأعوام الفائتة وتوقعات ذلك في العام الحالي خاصةً بعد الدخول في مرحلة العزلة المالية الدولية الثانية.
وأضاف وائل بعض المصادر حالياً بأن وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي قد رفعت الدولار الجمركي، من (420) إلى (430)، ومن هذا الأخير إلى (445) جنيهاً بنسبة زيادة ٣،٥%.
رغم ضآلة نسبة الزيادة في هذا الدولار بالمقارنة مع نسبة الزيادات السابقة لها، إلا أنه لا محالة أن لهذا القرار الجديد تأثيره السلبي، مهما كانت ضآلته النسبية، على الإختلال الإقتصادي الداخلي، الذي أحد أسبابه الإختلال الهيكلي بالموازنة العامة التي ستتأثر مصروفاتها بالزيادة بأعلى من معدلات الإضافة الحدية للزيادة في الدولار الجمركي بـ (15) جنيهاً في ظل ظروف محلية ودولية معقدة للغاية بما يؤثر سلبياً على الإختلال الخارجي للإقتصاد.
مضيفاً أن إرتفاع الدولار الجمركي يعتبر تخفيضاً للجنيه السوداني مما يعني تدهور القوة الشرائية الخارجية (وما يعنيه من تدهور سعر الصرف) له بما يرفع الأسعار للسلع والخدمات المستوردة، ليصب مزيداً من الزيت على نار الأسعار المحلية الملتهبة أصلاً وهو ما يساهم أيضاً في مزيد من تدهور القوة الشرائية المحلية للجنيه السوداني من منظور سلة المستهلك التي تشمل السلع والخدمات المحلية والأجنبية (حيث تبلغ نسبة هذه الأخيرة أكثر من ٩٠% من السلة) مما يؤدي إلى إرتفاع معدل التضخم ولو بمعدلات متباطئة. وهذا يعني مزيداً من التدهور المعيشي للمواطنين بالداخل ومزيداً من العمالة الرخيصة ليستمر الإقتصاد في سمة إقتصاد الأجور المنخفضة المعتمد في التصدير على المواد (غير المهربة) .
تفاقم المعاناة ..
وقال الخبير الإقتصادي د.هيثم محمد فتحي قرار زيادة الدولار الجمركي من شأن هذه الخطوة أن تؤدي إلى إرتفاع أسعار السلع غير الأساسية بشكل كبير والذي بدوره سيؤدي إلى تفاقم المعاناة الحياتية للشعب السوداني.
واوضح هيثم خلال حديثة لـ ( الإنتباهة ) بأن هذا القرار قد ينتج عنه استيراد بضائع أقل جودة لتقليل التكلفة، كما سيرفع أسعار المواد المستوردة الآن مما سيثقل على كاهل المواطن.
وجزم بالقول بأن هذه الزيادة حتماً توسع عمليات التهريب الجمركي، وسيتسبب في العزوف عن الاستيراد نوعاً ما ، مما قد يؤثر على إيرادات الدولة الخاصة بالجمارك.
وسيؤدي إلى إختلالات في تدفق المواد الغذائية في ظل الظروف المعيشية الحالية، وانخفاض الجنيه السوداني لذلك من الممكن أن تكون نتيجة زيادة الدولار الجمركي عكسية ولا تحقق الإيرادات التي تتوقعها الدولة بسبب تصغير الدائرة الجمركية.
وطبعاً هناك محاولة من قبل الدولة للخروج من أسعار الصرف المتعددة وهنا تمت زيادة الدولار الجمركي
قد تكون هناك إيجابيات تكمن في رفع الدولار الجمركي أولها يتمثل بالقرب من توحيد سعر صرف الدولار وثانيها بمحاولة حصول الدولة على إيرادات أكثر.
وأضاف هيثم ان السودان لديه تعقيدات جمركية عديدة وهناك كلفة مرتفعة في الجمارك.
كذلك يمكن أن يقرأ من خلال إلتزامات الحكومة مع صندوق النقد، بإعادة هيكلة الماليّة العامّة وتقليص نسب العجز فيها كجزء من الإصلاحات التي يريدها الصندوق ، منها إعادة تفعيل التحصيل الضريبيّ، وتصحيح التشوّهات الضريبية.
فشل …
وفي السياق ذاته انتقد رجال الاعمال والمستورد معاوية بايزيد راهن الاقتصادي الآن ووصفه بالصعب ونوه الى فشل الحكومة لحل مشاكل الصادر والوارد ولفت الى آثاره السلبية الناتجة عن زيادة سعر دولار الجمركي من ٤٣٠ الى ٤٤٥ جنيها ستشهد السوق زيادات كبيرة في أسعار جميع السلع وتراجعا للانتاج بسبب انهيار القطاع الصناعي ضعف البنيات التحتية للقطاع بجانب أنه سينعكس الوضع الحياة المعيشية للمواطن البسيط حمل الزيادات لسياسات بنك السودان ووزارة التجارة وعجز لإيجاد حلول جذرية للمشاكل الاقتصاد ونوه الى ان الحل الأمثل لمعالجة مشاكل الميناء بايلاء الإدارة لشركة اجنبية كبرى سيسهم في تقليل تكلفة سعر الحاوية ٤٠ قدما التي تأتي من دول شرق آسيا تتراوح بين ١٨ الى ٤٠ الف دولار سينخفض سعرها الى ٢٠ الى ١٨ الف دولار لشركات استثمارية كبرى ينعش الاقتصاد القومي.
تراجع الإيرادات ..
وقال الخبير الجمركي خليل باشا ان زيادة سعر الدولار الجمركي سوف تؤثر على الوضع الاقتصادي وستؤثر في زيادة معدلات التضخم اي تراجع الإيرادات التي يتم تحصيلها بالعملات الأجنبية على مستوى الاستهلاك المحلي والمستورد .
نتائج عكسية ..
ويرى الخبير الاقتصادي د. أ محمد الناير ان الزيادة الرأسية لم تكن يوما لزيادة حجم الايراد في الدولة لان احيانا تأتي بنتائج عكسية تؤدي إلى انخفاض الإيرادات العامة للدولة، وان الزيادة في قيمة الدولار الجمركي ليس الحل خاصة في ظل الظروف الراهنة نسبة للتعقيدات التي يشهدها العالم الآن وربما تعقيدات في حجم التبادل التجاري والحركة التجارية بين السودان والمجتمع الدولي كما يحدث لكل العالم في ظل الأزمة الأوكرانية الروسية، والتي تؤثر ذلك على كثير من الأشياء منها بعض الواردات وغيرها من الأشياء لذلك لابد النظر لإيجاد معالجة كلية وذلك باستحداث مواعين إرادية جديدة أو مصادر إرادية جديدة مستحدثة لا تؤثر سلبا على المواطن وتحقق زيادة حقيقية في الإيرادات.
أما اللجوء لمثل هذه الزيادات لها أثر كبير جدا على المواطن وستنعكس على أسعار السلع والخدمات بصورة كبيرة، ولنا أن نراجع السنوات السابقة فالزيادات الكبيرة التي حدثت في الدولار الجمركي وأثرها هل فعلا حققت زيادات كبيرة في حصيلة الإيرادات أم أثرت سلبا .
واضاف الدولة قد تنظر لقضية الدولار الجمركي أو الواردات ليس من منظور الإيرادات فقط وأن تنظر من ناحية أخرى إنها تريد أن تقلل حجم الواردات ولكن هذا الأمر لا أعتقد أنه يكون هو المقصود بل مقصود زيادة الإيرادات لأن الموازنة العامة للدولة هي غير واقعية وغير موضوعية وغير قابلة للتطبيق وهي أعدت بصورة متضخمة جدا وبالتالي تحقيق نسبة مقدرة من الأداء بها أمر سيكون صعبا جداً..