صباح محمد الحسن تكتب: من الذي يحكمنا الآن !!

بعد الشهور التي مرت على انقلاب ٢٥ اكتوبر اتضحت الرؤية كاملة وتخطى المتابعون للمشهد السياسي علامات التعجب والتوهان في افق رمادي تغطيه سحب كثيفة جعلت الرؤية أكثر ضبابية لبعضهم في قراءة الدوافع الحقيقية التي تكمن وراء اجراءات الفريق البرهان التي أعلنها بعدما القى القبض على وزراء الحكومة التنفيذية.

وظن الكثير منهم أن اكبر الدوافع هي رغبة العسكريين في السيطرة على الحكم ووأد ثورة ديسمبر المجيدة ، وتفكيك لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ، هذه الدوافع بالرغم من انها من الاسباب المباشرة لكن ماخفي أعظم من ذلك بكثير بدأت حقيقته تتكشف وتتجلى يوماً بعد يوم.

فمنذ اعلان الانقلاب وقبله بدأ فلول النظام المخلوع تعود الى مؤسسات الدولة ونبه لذلك عدد من اعضاء لجنة التفكيك وبدأت المحكمة العليا في اعادة المفصولين الذين اعفتهم لجنة ازالة التمكين من وظائفهم بالمؤسسات، هذا كله حدث قبل اعلان الانقلاب. لكن لم يعتقد البعض ان الانقلاب الذي تم الاعلان عنه عبر المؤسسة العسكرية هو انقلاب اسلامي خالص ليس للفريق البرهان يد في طباخته واعداده سوى انه قام بعملية التقديم للشعب السوداني.

وكشف مصدر عن ان الاعداد للانقلاب تم قبل الاعلان عنه بثلاثة أشهر او يزيد وان الاسلاميين كانوا يخططون للصعود الى المسرح بعده مباشرة ، الا ان الرفض الواسع غير المتوقع من المجتمع الدولي ومن الشارع الثوري للخطوة وسرعة ردات الفعل وحرمان السودان من المنح والمساعدات وقرارات الاتحاد الاوربي وامريكا وغيرها من الدول التي كشفت عن رفضها سريعاً، جعلهم يتراجعون عن خطوتهم واختاروا ان يكونوا خلف الواجهة العسكرية لكنهم واصلوا بصياغة القرارات العاجلة ومخاطبة القضاء والدوائر العدلية لاكمال كل الاجراءات القانونية لاستعادة املاكهم وأموالهم واطلاق سراح المعتقلين ، وكانت الخطة (ب ) هي ان لم يقبل بهم المجتمع الدولي ولم يكُف الشارع عن الاحتجاجات فستكون الإنتخابات هي الوسيلة الافضل لعودتهم.

وقال المصدر ان الدولة الآن تديرها مجموعة من القيادات الاسلامية التي تملي قراراتها وماتريده على قادة الإنقلاب وتفتعل عدد من الازمات بما فيها أحداث العنف في المواكب وغيرها من انفلاتات أمنية، الغرض منها تصويب الانتقاد للقيادة العسكرية ،

واستمرار تبادل الاتهامات بين القوى المدنية والعسكرية ، كما تمت صناعة عدد من الاجسام الوهمية تحت واجهات الادارات الاهلية وشباب لحماية الثورة ولجان مقاومة واعلام يسوق لفشل الثورة والاحزاب وغيرهم من الذين ينشدون التحول الديمقراطي. كما ان أخطر ما كشفه المصدر ان الحديث الآن عن التوافق والحوار مع القوى السياسية وما يتحدث عنه المكون العسكري من ضرورة الحوار والتوافق الوطني وتقديم التنازلات ماهو الا جزء من ذات التخطيط لإلهاء القوى السياسية والثورية ، حتى يتسنى لهم ترتيب صفوفهم من جديد ،( وحدة الاسلاميبن ) نموذجاً.

وذلك ليس لحكم البلاد وأردف ضاحكاً (هم الآن يحكمونها) ولكن لصعودهم لكرسي القيادة من جديد، بطريقة تتماشى مع شعارات الثورة ، التي تنادي بالديمقراطية وذلك عبر خوض الانتخابات. وأضاف ان مايقوم به المجلس الانقلابي الآن هو إمتثال لأوامر الاسلاميين ، وتنفيذ لكل مطالبهم اليومية وان الذي يقف بينهم وبين العودة هو فقط رفض المجتمع الدولي وبعض دول الاقليم. واختتم حديثه ان هذا المخطط الخطير لن توقفه إلا وحدة القوى السياسية ، ووحدة الشارع الثوري ، الذي قال ان له سوابق مشرفة في (قلب الطاولة) فمن منا لا يذكر ما فعلته مواكب ٣٠ يونيو ٢٠١٩ هي وحدها التي قطعت احلام العسكر وأجبرتهم للتوقيع على الوثيقة الدستورية مع المدنيين بالرغم من شروعهم في السيطرة الكاملة على الحكم .

اترك تعليقا