إقتصاد السودان .. من قبضة صندوق النقد إلى إنقلاب البرهان

كانت إحدى آمال الثوار إنهاء الأزمة الاقتصادية التي استفحلت في نهاية عهد البشير، وإصلاح سوء الإدارة الاقتصادية وتقليص الفساد، اللذين شكلا أزمة معيشية خانقة، تمثلت في ارتفاع أسعار سلع أساسية ،إلا أن الأزمة لم تتوقف بعد الثورة، بل تمددت واستفحلت، في صورة ارتفاع أسعار الخبز والمحروقات والدواء وآخرها ذيادة تعرفة الكهرباء، فالأزمة التي تجعل حياة المواطن السوداني اليومية عصيبة أزمة نقدية ومالية مستمرة من قبل الثورة إذ تعتمد البلاد  في توفير الكثير من حاجيات الاستهلاك الأساسية على الاستيراد،لا سيما عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية، بل واصلت مسيرها إلى الأسوأ، ولم يتمكن مجلس السيادة الانتقالي من حل المشاكل الراهنة والمستعصية في الاقتصاد ، لتخفيف الضغط المعيشي على المواطن، بل زادت الضغوط المادية على الناس، ولم تبدأ الحكومة خطوات جادة لمعالجة الاقتصاد على المدى البعيد، إلا بمحاولة الوصول إلى مصادر تمويل خارجية،وبعد الوصول الي الي دعم وانفتاح السودان  للعالم جاء انقلاب البرهان وارجع الاقتصاد الي نقطة الصفر بحسب مراقبين واقتصاديين لا سيما الأحداث التي سبقت الانقلاب من إغلاق للشرق ،حتي توقف المساعدات والمنح في ظل الرفض الدولي للإنقلاب (الراكوبة) تناولت الاقتصاد السوداني ومرور ثلاثة سنوات علي حكومة الانتقال، اين وصل وأهم التحديات…

تدهور الاقتصاد

قال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه ل(الراكوبة) واصفا  الاقتصاد السوداني بعد مرور ثلاثه سنوات علي حكومة الانتقال بالمتدهور، مضيفا ما يؤكد ذلك المؤشرات الاقتصادية في البلاد ارتفاع معدل التضخم رغم انه بدأ يتراجع خلال الثلاثه أشهر الأخيرة من ٢٠٢١  إلا أن المستهدف في العام ٢٠٢١ ٩٠% لافتا من الي  أن المتوسط خلال العام سيكون أعلي من ذلك بكثير قد لا يقل عن ٣٠٠% وهذا معدل كبير ،إضافة الي قضية سعر الصرف به إستقرار نسبي ولكنه تحقق بعد ان وصل الي مستوي قياسي” ٤٥٠جنيه مقابل الدولار” موضحا  إرتفاع معدل البطالة  ٤٠%  إضافة إلي إرتفاع  معدلات الفقر (٦٠-٧٠% ) مبينا إنها مؤشرات سالبه للاقتصاد وتأكيد علي تراجع الاقتصاد السوداني.

وعود دون وفاء

وقد عمل مجلس السيادة الانتقالي خلال سنوات الثلاثه على رفع اسم السودان من “قوائم الدول الراعية للإرهاب” وإصلاح العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا الغرب، بهدف السماح للسودان بالوصول إلى القروض الدولية، والحصول على مساعدات أمريكية، وفتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي في السودان؛ ما يعني القدرة على حل جزء من المشاكل المالية ويقول الناير” بعد ما تحقق من تحول مع المجتمع الدولي رغم الفاتورة المكلفه “مشيراً الى حكومة الفترة الانتقاليه “نسختها الاولي والثانية” وسدادها  التزامات للسودان بالنقد الاجنبي للولايات المتحدة الأمريكية  ”  لقضية المدمرة كول وقضية تفجير السفارتين “موضحا تأثير ذلك علي المواطن وتشكيل ضغط عليه في فترة توفير نقد اجنبي خلال هذه الفترة، مشيرا الى انهزمنا لرفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب،.

وقال الناير ،السودان لم يحصد شيئ بعد رفع اسمه حتي الآن وان المجتمع الدولي ظل في مماطلة ووعود دون الوفاء ،مشيرا الي تنفيذ الحكومة برامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولي بنسبه كبيرة تفوق ٩٠% وبالمقابل لم تحصل علي التمويل الذي يجعل برامج الحماية الاجتماعية فاعله .

حكومة كفاءات

وعلي الجانب الاخر يعيش الانقلاب العسكري في البلاد مراحله الأولى، المتسمة بعدم وضوح مستقبلها، وعدم التيقن من المسار الذي ستتبعه الأحداث في ظل رفض شعبي داخلي ودعوات لاحتجاجات مليونية، ورفض دولي واسع للانقلاب ،ويقول الناير ،حتي الآن رغم أن البلاد بلا حكومة” إلا انها عجزت البلاد عن تشكيل حكومة كفاءات وطنية” إضافةعدم وجود ميزانية ،لعدم إجازتها لغياب السلطة التنفيذية ،واردف رغم ان النفي المستمر من وزارة المالية الا ان هناك تاكيدات من قبل المواطنين انه” تم الذيادة غير معلنه في الكهرباء بصورة غير مسبوقة وزيادة في المخابز غير معلنه باعتبار  ان الخبز معظمه اصبح تجاري في ظل غياب الخبز المدعوم .

وتابع الناير قائلا: هناك عدم وضوح في الرؤية وعدم وضوح مع المواطن السوداني والسياسات بها نوع من الضبابية وعدم الشفافية وكلها تنعكس سلبا علي المواطن ،وقال  “يفترض ان تكون الحكومة واضحه مع الشعب وتكون جريئه اذا اتخذت قرار وان يكون لديها حلول مجدية اجتماعية للشرائح الضعيفه والفقيرة .

تحدي موازنة ٢٠٢٢

ولفت الناير في حديثه ل(الراكوبة)  عن تعديل المرتبات ٢٠٢٢ التحدي الذي يواجه ميزانية ٢٠٢٢ مضيفا أن الدولة لم  تم تفصح عن حجم التعديل ،مشيرا الي ان التعديل لا يجدي مع المرتبات حتي اذا كانت الذيادة ١٠٠% بإعتبار ان الحد الأدنى للأجور لا يعادل الحد الأدنى من مستوى المعيشه،وان الذيادة يجب أن تكون ٥٠٠% بإعتبار ان الحد الأدنى للأجور لا يعادل الحد الأدنى من مستوي المعيشه ولا يغطي ١٥% ،إضافة الي التحديات الاخري من توظيف الموارد والإمكانيات وكيف يستفيد  السودان وكيف يتم إنزال السلام علي ارض الواقع وكثير من التحديات التي تحتاج الي برامج إقتصادية عاجلة لمعالجتها.

مرحلة مزرية

وفي ذات السياق يري استاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي العباس، ان الوضع الاقتصادي لعام ٢٠١٨ و٢٠١٩ افضل من ٢٠٢٠ و٢٠٢١، موضحا التشوهات الاقتصادية والهيكلية ارتفعت بمعدلات أعلي نسبة لبعض الأخطاء التي اتبعت في السياسات من قبل الحكومة السودانية.

وقال مزمل  في حديثه ل(الراكوبة) الاقتصاد السوداني الان في مرحلة “مزرية ” وصعبه اثرها كبير علي المواطن السوداني خاصة ارتفاع مستوي السلة الغذائية اليومية من السلع الأساسية التي يستخدمها المواطن وأشار إلي  إرتفاع معدل التضخم من ٥٠%الي ما يعادل ٣٥٠% من مقومات الحياة اليومية من (سكن المياه ،النقل ،الصحه، التعليم ) وارجع ذلك الي سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تم اتباعها من خلال المؤسسات الدولية من( رفع دعم عن المحروقات) والتي ذادت من أسعار السلع والخدمات ،كذالك رفع الدعم عن الدقيق ساهم في ارتفاع الأسعار، مردفا (كل ما يتم رفع الدعم عن سلع) يقع اثرها السلبي علي المواطن وتؤثر تأثير سلبي لان معدل دخله ضعيف ولا يواكب الزيادات التي تحدث.

ولفت قائلا ذيادة التعرفة الجمركية او توحيد سعر الصرف رفع قيمة الواردات ورفع سعر سلع اساسية بنسبة١٠٠%مما ادي الي اشكالية كبير للمواطن.

وأضاف مزمل مجمل السياسات التي تم اتباعها في الفترات السابقة تاثيرها كان سلبي علي المواطن والمجتمع والاقتصاد ،واردف هذه السياسات لمعالجة التشوهات في الاقتصاد السوداني ولكن تاثيرها يقع علي المواطن دون وجود ما يخفف تلك الاثار.

اترك تعليقا