تشكيل الحكومة.. من يمسك بـ (فرملة اليد)؟

الخرطوم: عبد الرحمن صالح

 

لأكثر من عام تفتقد البلاد حكومة تعمل على حل الأزمات التي ظل يعاني منها المواطن، وتعيش البلاد في حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي منذ قرارات قائد الجيش في 25 أكتوبر من العام الماضي، وفي الخامس من ديسمبر من العام الماضي استبشر المواطنون خيراً بالتوقيع على الاتفاق الإطاري بين العكسر والمدنيين بعد قطيعة دامت لأكثر من عام، على أمل أن تبدأ مرحلة جديدة في البلاد يقودها المدنيون وتنتهي بانتخابات، إلا أن التوقيع على الإطاري وجد كثيراً من المعارضة من بعض القوى السياسية والإدارات الأهلية التي اعتبرته إقصاءً لها من المشهد السياسي، إلا أن قوى الإطاري لم تكترث للمعارضين للاتفاق ومضت فيه، معلنةً عن بدء المرحلة النهائية للعملية السياسية واقتراب تشكيل حكومة مدنية تقود ما تبقى من الفترة الانتقالية وصولاً للانتخابات، ووقتها بدأ التشاكس والمهاترات في طريقة تشكيل الحكومة وإمكانية تشكيلها في ظل رفض كثير من القوى السياسية للعملية السياسية برمتها وفي مقدمتهم الحزب الشيوعي وحزب البعث وقوى التغيير الجذري الذين يعتبرون من قوى الثورة، ليبقى السؤال هل ستتمكن قوى الاتفاق الإطاري في ظل التشاكس والمهاترات بين القوى السياسية من تشكيل حكومة عقب فراغها من العملية السياسية؟ ومتى سيتم تشكيلها في ظل تمترس كثير من القوى السياسية خلف موقفها الرافض للعملية السياسية؟
حكومة بلا ساقين
ويستبعد المحلل السياسي آدم أحمد تشكيل حكومة في البلاد قريباً في ظل التنافر الكبير بين مواقف القوى السياسية، ويؤكد أن الحديث عن تشكيل حكومة في البلاد عقب فراغ قوى الاتفاق الإطاري من العملية السياسية لا يستند الى (ساقين)، لجهة أن شقة الخلاف بينها وبين القوى السياسية الأخرى الرافضة للاتفاق الإطاري كبيرة بحسب ما ظاهر من الطرفين، ويضيف في حديثه لـ (الانتباهة) قائلاً: (إلا إذا كانت الحرية والتغيير المجلس المركزي تريد تشكيل حكومة بمن حضر)، في وقت نبه فيه إلى أنه إذا كان الغرض من العملية السياسية حدوث إجماع كبير حولها، فلا يمكن أن يكون تشكيل الحكومة قريباً، لجهة أن التفاهمات بين الحرية والتغيير وجبريل إبراهيم ومني أركو مناوي حتى الآن غير واضحة، ولا يوجد حديث يؤكد قبولهم الاتفاق الإطاري والتوقيع عليه.
متاريس الحكومة
ويؤكد آدم أنه في ظل تمسك أطراف الحرية والتغيير وجبريل ومناوي بمواقفهم السياسية الرافضة للنهج الذي ينتهجون، فإن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة خلال الأسابيع القادمة لا يمت للواقع بصلة، ويوضح أن تشكيل الحكومة الجديدة مرهون بالاتفاق مع جبريل ومناوي، لجهة أنهما طرفان أساسيان في المعادلة السياسية ولا يمكن تجاوزهما، وتشكيل الحكومة من دونهما ليس له معنى ولن يحل الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، لأنهما ضمن حركات كفاح مسلح ويحملان السلاح ولديهما جماهيرهما وقواعدهما، وفي حالة تجاوزهما لن يعترفا برئيس الوزراء الجديد وحكومته ولن يتعاملا معها، بالإضافة لأهل شرق السودان الرافضين للاتفاق الإطاري كذلك لا يمكن تجاوزهم ويجب التوصل معهم لاتفاق، لأن الحكومة الجديدة سوف تجد متاريس منهم ويقومون بإغلاق الشرق. ويشدد آدم على ضرورة توافق جميع القوى السياسية، وأن تشمل الحكومة الجديدة الأطراف الأساسية المؤثرة في الساحة السياسية، لجهة أن تجاوزهم سوف يعود بالبلاد للمربع الأول.
طامعون في الحكم
أما بالنسبة للمحلل السياسي أحمد عابدين فإن الحرية والتغيير تلوح بتشكيل حكومة جديدة في البلاد خلال أسابيع للضغط وجلب الطامعين في الحكم للانضمام للعملية السياسية، ويؤكد في حديثه لـ (الانتباهة) وجود عقبات كثيرة تحول دون تشكيل الحكومة في الوقت الراهن، وأولها وأهمها المكون العسكري الذي يمسك (بفرملة اليد) بحسب أحمد، فهو الآخر لن يغامر بإخراج عروس لخيمة الحفل دون أولياء، وهنالك أبناء عمومة شاحذون سكاكينهم للاتلاف، على حد تعبيره، ويرى أحمد أن تشكيل حكومة جديدة متوافق عليها يتطلب أن تغير الحرية والتغيير المجلس المركزي نهجها وتفتح الاتفاق الإطاري للكل وتبعد المؤتمر الوطني فقط، ويشير إلى أن وجود بعض القوى السياسية المحسوبة على الإسلاميين وكانت مشاركة للإنقاذ من قبل في الاتفاق الإطاري يسقط حجة الحرية والتغيير، ويضيف قائلاً: (وجود كمال عمر أسقط حجة كانت قائمة، بل ظهوره مرتدياً ثوب المنافحة كمؤسس (زاد الطين بلة) ووسع مسرح التهكم، لدرجة أنه حول الاتفاق الإطاري لنكتة يضرب بها المثل في شأن تواضع العقل السياسي السوداني وتهافت القيادة السياسية على السلطة متى ما لاحت أذناها).
شوكة حوت
ويقول أحمد: (من حيث المبدأ فإن الحرية والتغيير إذا وجدت فرصة ستشكل حكومة اليوم ولن تنتظر للغد، فهي تصر على نهجها ولو أشعلت النار تحتها، لكن في ذات الوقت فإن القوة المناوئة لها ليس لديها ما تقدمه من بديل مقنع)، ويشير إلى أنها اكتفت بعقد مؤتمرات لممارسة الوعيد والتهديد، ويؤكد أن القائمين على الحرية والتغيير يسعون لسحب ما يحبذون من الكتل لخيمتهم على فقه تكبير الكيمان والكيد وتأكيد نهج الإقصاء والفرز حسب قوله، ويضيف قائلاً: (إن هذا سوق مجرب لن يغامر المستهدفون بالاقتراب منه، فحتى حركتي مناوي وجبريل تمارسان ذات النهج ولديهما قناعة بأن الحرية والتغيير تريدهما فقط (تمومة جرتق)، وهما كذلك لديهما أحلاف وتحالفات لن تغادرانها ولن تبيعاها على الواقف)، في وقت يؤكد فيه أحمد وجود كثير من القوى السياسية ستقف أمام الحكومة الجديدة حال تشكيلها من الحرية والتغيير بدون توافق، ويقول: (هنالك تحالف للجذريين بقيادة الشيوعي وآخر للإسلاميين وحلفائهم وهنالك البعث والناصري، وجميع هؤلاء سيكونون شوكة حوت في حلق أية محاولة لتشكيل حكومة، وإذا تم تشكيلها فإنها ستموت قبل يوم السماية).

اترك تعليقا