بخاري بشير يكتب: هذا ما يريده فولكر!

بالأمس التقت الآلية الثلاثية التي تتكون من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي وايقاد؛ بلجنة المكون العسكري التي ضمت ثلاثة جنرالات كبار هم حميدتي وكباشي وابراهيم جابر؛ وضمت الآلية بالمقابل فولكر بيرتس ومحمد بلعيش واسماعيل ويس؛ كمبعوثين للأمم المتحدة والافريقي وايقاد على التوالي.

اللقاء جاء بعد قرار البرهان يوم الثلاثاء الماضي القاضي برفع الطوارئ؛ وجاء متزامناً كذلك مع احتجاجات شعبية كبيرة طالبت أمس برحيل فولكر؛ ورفعت هذه الاحتجاجات شعارات (الطرد) مباشرة وحاصرت مقر البعثة بالمنشية؛ المتحدث باسم الآلية وصف اللقاء بالايجابي وأنه اتسم بروح بناءة؛ وقال ان اللقاء تناول قضايا الحوار المباشر المرتقب الأسبوع القادم بين الاطراف السودانية (أصحاب المصلحة) للتوصل الى توافق لترتيب دولاب الحكم في البلاد بما يلبي رغبة الشعب السوداني نحو التحول الديمقراطي المدني وبناء السودان الجديد.

هل نظرت الآلية الى الشعب السوداني لتعرف رغباته؛ فالساحة السياسية ليست كلها موافقة على عمل الآلية؛ البعض يرفضها جملة ولسان حاله يقول ان البلاد استبيحت من الاجانب؛ وآخرون يرفضون الجانب الثاني؛ يرفضون العسكر؛ ويصفونهم بالانقلابيين؛ ويرفضون الحوار معهم صراحة؛ برفع شعارات لا تفاوض ولا شراكة ولا مساومة.

العمل المهم للآلية ليس مع الأطراف المؤيدة لها؛ ولا مع العسكريين؛ لأن هؤلاء وأولئك موافقون على مبدأ الحوار وربما كانت ملاحظاتهم وخلافاتهم حوله اجرائية وشكلية؛ وفي كيفيته وأجندته؛ لكن العمل المهم للآلية في تقديري مع الرافضين لها؛ الواقفين في معسكر المطالب الصفرية؛ والسؤال ماذا فعلت الآلية بعد ان استعانت بالاتحاد الأفريقي وبالايقاد لتصل لهؤلاء؟

ليس صعباً على فولكر بيرتس ان يلتقي الثوار وممثليهم في لجان المقاومة؛ أو الاجسام النقابية؛ أو مع الشباب الذين يخرجون في الاحتجاجات؛ ليس عصياً عليه ان يجلس مع قيادات احتجاجات الأمس التي تنادي برحيله الشخصي؛ وليس صعباً عليه – كذلك – أن يجلس مع الحزب الشيوعي الذي اعتزل كل الفرق وتخندق وحده في معسكر الرفض ؛ الشيوعي رفض شلة الأمس؛ ورفض مجموعات اليوم؛ ورفض الحوار؛ ورفع شعار شبيه بمطالب الثوار الداعية لخروج العسكريين من المعادلة.

هل جلس فولكر مع هؤلاء؟ قبل ان يحدثنا عن (أهل المصلحة) وعن السودان الجديد وعن التحول المنشود وتعيين حكومة.. والوصول لتوافق يجمع السودانيين؛ فولكر لا يدري أنه يعرض خارج الحلبة؛ ولا يدري أنه يدير حواراً أطرافه غائبون.

اصرار فولكر على تغييب البعض سوى أكانوا في اقصى اليسار أو اقصى اليمين؛ لن يفيد السودان في شيء؛ وفي هذه الحالة نصطف الى جانب الداعين لرحيله الفوري من السودان؛ قبل ان يقود الجميع الى حافة الهاوية ومن بعدها السقوط في وحل التقسيم والتشظي.

دعونا السودانيين كثيراً في السابق ولا زلنا ان لا تسمحوا بمنح الأجنبي مساحة أكثر من كونه (مسهل) لعملية الحوار؛ وعليكم ان تقبلوا ببعضكم البعض ولا تتركوا فرصة تنفذ من خلالها المخابرات الأجنبية؛ ولكن كيف السبيل لهذا التوافق مع الكثرة الغالبة لحاملي (الجواز المزدوج)؛ الذين تمتد نظرات عيونهم نحو سفاراتهم لتمنحهم صك الرفض أو القبول؟

اترك تعليقا