هل تنجح “الوثيقة التوافقية” في حل الأزمة السياسية السودانية؟
الخرطوم : هسه نيوز
ترك التوقيع المفاجئ لقوى سياسية وكيانات أهلية في السودان، أمس الثلاثاء، على وثيقة توافقية لإدارة الفترة الانتقالية، بعد توحيد 32 مبادرة وطنية لحل الأزمة السياسية في البلاد تساؤلات بشأن قدرتها على ذلك.
ونصت الوثيقة التي اطلعت عليها ”إرم نيوز“ على استمرار الشراكة بين المكونين المدني والعسكري وأطراف اتفاق جوبا للسلام طوال الفترة الانتقالية التي اقترحت تمديدها لتسعة أشهر إضافية تنتهي بإجراء انتخابات في مايو من العام 2024.
وأكدت ”اختيار رئيس وزراء من الكفاءات الوطنية بالتشاور مع القوى السياسية والمجتمعية وأطراف اتفاق جوبا للسلام، على أن يتكون مجلس الوزراء من 20 وزيرا ممثلا لكافة ولايات السودان، بينما اقترحت عدد 300 عضوا للمجلس التشريعي“.
وشددت على ”ضرورة إعادة الثقة بين الأطراف السودانية من خلال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلى جانب توسيع دائرة المشاركة السياسية لكافة المكونات في الفترة الانتقالية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول“.
غياب رؤية
وقال المدير العام لمركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان الخبير القانوني أحمد المفتي، إن ”الوثيقة التوافقية لا تتضمن رؤية لمعالجة الموضوعات التي تهم قوى الثورة، خاصة لجان المقاومة، منها عدم القبول بالمكون العسكري، لذلك لن تصلح لأن تشكل توافقا وطنيا“.
وأضاف المفتي لـ“إرم نيوز“ إن ”المطلوب هو الوصول لتوافق وطني“، مبينا ”أنهم سبق أن قدموا مقترحا لتكوين هيئة عليا للتوافق الوطني من ممثلي كل المبادرات، حتى ولو كان أولئك الممثلون لا نصيب لهم من الحكمة، لتتولى مهمة توحيد المبادرات“.
تراجع الأمة
من جهته، تبرأ حزب الأمة القومي الذي شارك رئيسه فضل الله برمة ناصر في التوقيع على الوثيقة منها؛ وقال إنها ”لا تمثل موقف مؤسسات الحزب“.
وأوضح ناصر أن ”توقيعه جاء انطلاقا من فكرة دعم توحيد المبادرات السياسية لحل أزمة البلاد المستفحلة، وتشجيعاً للحلول السودانية وقيادة السودانيين لشأنهم“.
وأضاف أن ”ما جاء في الوثيقة لا يعبر عن رأي حزب الأمة القومي“.
خدمة الانقلاب
بدوره، ذكر القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير الخبير القانوني، المعز حضرة، أن مثل هذه التحركات ”تخدم العملية الانقلابية أكثر من خدمة الثورة“.
وأشار حضرة لـ“إرم نيوز“ إلى أن ”الذين وقعوا على الوثيقة لا يملكون الصفات القانونية لذلك“.
وتابع: ”الشارع السوداني لديه صوت ومطالب واضحة ومحددة، إن أي وثيقة تتجاوز الشارع لن تكون لديها قيمة أو أثر“.
وكان البرهان قد أشار في تصريحات، الجمعة، إلى خطوات لتهدئة التوتر في البلاد بعد 6 أشهر من انقلاب عسكري.
وقال البرهان في تصريحات أدلى بها خلال إفطار رمضاني: ”نحن مقبلون على مرحلة صعبة، ويجب أن نقدم فيها جميعًا تنازلات من أجل البلد“، مشيرًا إلى تدهور الوضعين الاقتصادي والأمني في البلاد.
تحديد أزمة
من جانبه، رأى المحلل السياسي عبد الله رزق، أن ”حل الأزمة السودانية يكمن في تحديدها أولا وأن حلها لن يتم بإقامة مهرجانات التوقيع على الوثائق وما إلى ذلك“.
وقال رزق في تصريحات لـ“إرم نيوز“، إن ”هنالك مجموعات سياسية تنتهز الأزمة وتستثمرها بمثل هذه الخطوات“.
وأضاف أن ”الأزمة السودانية نشأت مابعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر، وما تم من إقصاء للقوى المدنية من قبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان“.
وأشار إلى أن ”هنالك أزمة مركبة من حينها يمكن حلها بالمواجهة وإعادة مسار التحول الديمقراطي وإنهاء الانقلاب“.
ويمر السودان بحالة من انسداد الأفق السياسي وفراغ دستوري وحكومي لما يقارب الـ6 أشهر بعد الإجراءات التي أعلن عنها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، بحل الحكومة وإعلان حالة الطواري.
وعطلت قرارات البرهان مسار المرحلة الانتقالية في البلاد التي تم الاتفاق عليها بين العسكريين والقوى المدنية، في آب/أغسطس 2019، وذلك بعد أشهر من إسقاط حكم الرئيس عمر البشير، في نيسان/أبريل من العام نفسه.
ومنذ ذلك الوقت يشهد السودان احتجاجات مستمرة تقودها لجان المقاومة الشعبية للمطالبة بالحكم المدني.